الدَّغَل.
ظلامٌ .. ثم يظهر المشهد مشوشًا بسطوعٍ عالٍ، ملقى على وجهي، على عشب طويل غير مشذب في مكان ما ملئ بالأشجار والأياكي، لا أشعر بجذعي و أطرافي وكأنهم بتروا. أستيقظ شيئًا فشيئًا إذا بوجهي قد لطخه الدم والعرق، يصيب رأسي صداع شديد وكأنه قد أسقطتني عليها إحدى النواسر أو الحداءات، واقف بين الأشجار الكاسيات مجرد من ملابسي اللهم إلا ورقة توت قد سُترت بها سوءتي، وكأن الطبيعة قد أخرجتني من جوفها الآن، وكأن عمري الذي فات قد أختزل في تلك اللحظة التي إستعدت فيها وعيي، بلا أهل أو صديق.
ظللت مشدوهًا في وقفتي أستدرك من أنا، وكيف وجدت هنا؟.
حيوان أزغب يغطي جسده فراء رمادي يغذ خطاه بين العشب بضعة أذرع أمام عيني، هبطت بجسدي قليلًا حتى لا ألفت إنتباهه، متربصًا كنت أنظر إليه لا تنقطع عيني عنه، تمضي لحظات ومالي إلا أن وثبت عليه كليث تمزق براثنه أواصر فريسته.
فمي لا يستسيغ مايمضغه ولكنه يستمر على أي حال، الدم يسيل من جانبي فمي وعقلي شارد في اللاشئ، ربما في تلك الديدان التي تتحرك ببطئ رتيب على فروع تلك الأيكة، فلربما تكون وجبة مثالية للتحلية.
ما إن إنتهيت من هذا الحيوان ذي الزغب، حتى رأيت جسمًا آخر مختلف، له يد مثل يدي وقدم مثل قدمي، رأس سليمة تعتلي جسده لا يغطيها العرق و الدم، كان هابطًا على ركبتيه وكأنه متربصٌ لآخرٍ مثل ذلك الحيوان الذي قد إنتهيت من إفتراسه منذ قليل. أخذت أقترب منه في توجس يختلجني شعورين مابين القلق و الفضول، أتلفت يمينًا ويسارًا مراقبًا أي كائن على أربع قد كتب له قدره أن يمر من هنا الآن، هاهو واحد قادم من أقصى اليمين، أظهرت بسمة سخرية أي وأسفا لك ياعزيزي الصغير، إلتفت مجددًا لأراقب مشهد الهجوم الممتع ذاك، إذا بشبيهي هذا يجري نحوي مسرعًا وينقض على جسدي كليثٍ تُمزق براثنه أواصر فريسته.

تعليقات
إرسال تعليق