التدوينة السنوية: ٢٠١٨ وإلا ما الذي يبقي الفتى حيًا

هنالك دائمًا قوة ترافقنا وتدركنا ونحن على فم الهوة

بعادة البشر المثيرة للشفقة أنهم يميلون دائمًا إلا الأسى و الحزن بيد أن الحياة تتقلب بين راحتي يد الله شرًا وبلاءً تارةً وخيرًا ولطفًا تارات أخرى كثيرة.

وللترفع عن طبائع البشر الدنيا، وللإعتراف بكرم الله وفضله ولطفه.. هذا عام خير.

قدرتنا احنا كبشر لفهم التعقيد الإلهي في تدبير الأمور، وهذا الكم من التشابك والترابط في مصائر الأحداث، بيخليني رغم بعدي الفاجر البين دايمًا عندي يقين في ربنا وحكمته وقدرته انه هيدبر الأمر لصالحي برغم اني مش جنبه حاليًا.. إلا إن مفيش موضع واحد في السنة ولا يوم واحد غير وربنا كان شاملني فيها بعطفه ولطفه وعين رعايته. السنة دي برغم اني للأسف بعيد كل البعد، إلا إن يقيني في ربنا زاد جدًا، وكنت متقبل كل عقاب وكل بلاء اتعرضتله وماكنتش مش متنمرد عليه عشان مستحيل ربنا يعملي كل ده وفي الاخر وانا مقصر اقول انه ظالمني او الدنيا جاية عليا..

السنة دي جميلة بقدر كبير جدًااااا، اتمنى ان السنة الجديدة تكون بنفس القدر من الجمال، الحاجات اللي كنت بطلبها من ربنا ماخذلنيش في أيٍ منها والله، الحاجات اللي ماجتش هي هي الحاجات اللي انا ماتوجهتش لربنا بالدعاء بيها.. بس اغلب اللي قلت يارب انا عايزه جالي، واللي ماجاليش منه انا راضي بيه جدًاا.

هنالك دائمًا حب يفاجئنا بدفء غير منتظر إذا ما أقفر القلب

انا عندي فلسفة خاصة الحقيقة عن العلاقة بين الحب والموت وكم التشابه بينهم فالتخلي عن كل شئ والتمسك بالأمل الأخير في حياة أحلى بعده، فأيًا كان أنا غير مقتنع بوحاشة الموت أو إنه حاجة سيئة، بالعكس الموت هو بداية الوعد، الموت هو النقطة اللي بنبدأ عندها نلاقي الكلام اللي ربنا وعدنا بيه وهو بيتحقق واننا قضينا حياتنا على حاجة حقيقية وعلى إيمان بوعد موجود فعلًا.

دقة القلب الأولى لرؤية شخص معين هي سكرات الحب ده، البداية اللي عقل الإنسان فيها بيتخلى عن كل عقلانية أمام الوصول للمراد. فأنا مقتنع جدًا بإن الحب كالموت يأتي بغتة، لا تعرف كيف يأتي ولا من أين ولا متى، ولا تملك إلا أن تسلم له..

وقد جاء.

ممكن يكون ده الحاجة الوحيدة اللي تخلي السنة دي أحسن من أى سنة عدت ومن أى سنة جاية إلى حين يعني، والله لقد عدت بعد هذا الحب فرحانًا جذلًا، والله لولا الحب ده ماكانت السنة كما كانت من الأساس، أنا تعرضت السنة دي لكم إنتكاسات نفسية الله وهي وحدهما أعلم بيها، من غيرها أنا متأكد الموضوع كان هيصعب جدًا. 

أنا أعترفت بحبي هنا قبل كده، وهفضل اعترف بيه.

الشمل والتضحية والحرب اللي الإنسان بيخوضها عشان يوصل للتاني دي اللي بتدي المعنى للحب ده، إدراك الشخص بالعواقب ومع ذلك بيقرر يتخطاها، هو ده اللي بيدي الحب المعنى الأصلي المقصود.

فوالله ماسكن الفؤاد غيرها، وما سكن الفؤاد إلا بها.

هنالك دائمًا نسمة تهب على جروح الروح حتي تنجلي الغمة

هرجع اقول تاني الكلام بتاع كل سنة، وكما هو الحال دائمًا، كسبنا ناس كتيرة جدًا السنة دي وخسرنا ناس اكتر واكتر، 

صحابي من ٢ كلية اغلبهم بقينا بالكاد بنسلم على بعض، ولو حد فينا شاف التاني بيحاول بقدر المستطاع يمنع التلاقي عشان تقل اللحظة اللي هنتكلم فيها. أنا معروف عني وسط صحابي من زمان جدا إني بكره الحوارات، والحياة الجامعية من أولها لآخرها مسنودة على الحوارات، أنا مش بحب أبرر تصرفاتي ومش بحب أعمل حاجة مجبر عليها، مالآخر أنا ولو هفضل بطولي مش هعمل الحاجة إلا اللي يريحني.

كنت دايمًا وأنا صغير وسط صحابي الشخص اللي الناس بتجيله تشتكيله، وفي الأغلب مش بفيدهم بحاجة، بس أنا الsafe zone اللي ماحدش هيندم بعد ماييجي يقولي، وأنا بحب كده جدًا وده بيخلي عندي رضا تتام عن نفسي وبيبسطني، وده كمل الحمدلله بعد مادخلت الجامعة وبقيت أنا الشخص اللي صحابي هييجوا يحكولي الحاجة عشان يفضفضوا. وأنا كنت دايمًا دايمًا متاح وموجود، كنت بتمتع بثقة الناس فيا وده شئ جميل بس ده خلى الناس تتعشم فيا اكتر وده شئ جميل برده، بس الصعب والوحش هو اني لازم اقابل توقعات الناس دي كلها ولو ماقابلتهاش هبقى فالنهاية ملام، برغم ان من الممكن والوارد جدا ان يكون معايا اكتر من شخص في نفس الموضوع بس انا دايمًا الغلطان، فده كان خارج حدود طاقتي بمرااااحل، فبدأت أخرج من مرحلة إني مش عايز ازعل حد مني لإني مابقتش مهتم، مادام أنا عارف اني مش على خطأ مش ههتم الشخص ده متضايق ليه ولا زعلان ليه.. الدنيا كانت صعبة فالوقت ده جدًا وفيه كذا عامل وصلني للنهاية دي، إلا إني مش ندمان عليها. 

كلهم كنت بحبهم والله جدًا ومش بحمل لأي حد منهم أي نزعة كره حتى، ولكنها الأمور لم تستقم بس.

وأرجع وأقول إن ربنا لطيف جدًا والله وجبر بخاطري جبران العمر كله.

جالي فرصة إن أسافر أوروبا، وكانت الفترة بتاعت الفيزا دي كنت بصحى كل يوم عشان اشيك وصلت مكتب التاشيرة ولا لا، وفي الفترة دي كان اللي واقف معايا فيها هي وسهيل صديق طفولتي، سهيل سافر معايا القاهرة مرتين عشان نشوف الجواز وصل ولا لا، المرة الأولي كانت قبل العيد لازم نروح عشان ناخد الجواز ولو هو جه واحنا ماروحناش مش هناخده غير بعد العيد ووقتها هيكون ميعاد المؤتمر اللي كنت رايح عليه هيفوت، وروحنا وفالنهاية ماجاش برده، بس واحنا بره لاقينا واحد خارج ومعاه جوازه وكان لهولندا برده وبيسألنا ممكن تقرولي كده ايه سبب الرفض، وكان مكتوب بالهولند فمافهمناش.. فقلقنا ،والمرة التانية روحنا والجواز جه.. يومها كنا متوترين وخاطرة الراجل المرفوض بتجول في خيالنا، فتحنا ولاقينا التأشيرة موجودة.. بعدها ب٤ أيام كنت فالطيارة.. أول يوم كنت خايف جدًا جدًا وحاسس بوحدة شديدة، ماحدش كان معايا غير ربنا وهي والله.. أول رحلة كانت لأمستردام قعدت ٥ ساعات تايه فالشارع مش عارف اوصل، بس روحت بعدها متحف فان جوخ وروحت متحف الريكز وامستردام، وكان نفسي ادخل بيت ان فرانك بس بيتحجز بالشهور وكده فماكنتش اعرف، وعمري ماشوفت بلد أحلى من كده والله، اللهم الا انهم بيفطروا الصبح بالبيرة ويحبسوا بالحشيش إلا إن البلد جميلة جدًا.

 بعدها ركبت قطر ٤ ساعات لباريس، مش حلوة زي ماكنت متوقع بس استيل حلوة، روحت اللوفر وده حاجة عظيمة جدًا حقيقي وايفل وكانت احلى حاجة عملتها في الرحلة كلها والله.. ودخلت متحف اورساي بس هو كان بيعرض حقبة فنية معينة انا مش متئالف معاها الحقيقة.. وفالاخر ركبت اوتوبيس ٢٤ ساعة لروما والطليان دول عرب اجانب والله، روحت الكالوسيوم والفاتيكان وكاستلو دانجلو ولفيت روما كلها تقريبًا.. طلعت بحصيلة انهي تهت مرة في امستردام ومالحقتش اخر مترو للسكن مرة في باريس وركبت تاكسي ب١١ يورو حاولت اصيع عليه بس طلع حويط، وفي روما مرة موبايلي كان هيفصل وماكانش فيه اوتوبيسات للمكان اللي كنت ساكن فيه ومفيش نور بالليل هناك ومش حافظ الطريق من بعد مانزل مالباص ولا ومش عارف شكل البيت بالظبط،.. فنزلت مالباص وطلعت اجري قبل ماتليل... الحمدلله.

ورجعت قعدت شوية وسافرت شرم الشيخ مع العيال قبل الدراسة.. فكانت أجازة سعيدة الحمدلله..

على الهامش بقيت نائب رئيس ممسا و طلعت ناشونال وبقيت نورا اسيستانت... حاجات كانت مهمة اني اوصلها بالنسبة لي عشان اثبت لنفسي حاجة معينة.. أينعم أنا حزين حاليًا إن جانب كبير من حياتي دلوقت بقى منهمر في ممسا بس اشطة زي كل حاجة فيها الحلو والوحش.

إمتحنت إمتحان تبادل طلابي وجالي عقد إني أسافر ايطاليا شهر اشتغل واتعلم في مستشفى هناك *هوبفولي*.. ودي حاجة كافية اني أكون سعيد.

بدأت السنة ناوي إني أبعد عن أي يإحتكاك بالناس عالسوشيال ميديا إطلاقًا، وحرمت نفسي حتى التعبير عن أي حاجة عالفيسبوك أو غيره عشان ماحدش يفتكر إني هرد عليه لو بعتلي.. بدأت أقول للناس كلموني عالتليفون لو عايزني هرد على طول.. مع إني مش بحب التليفون برده.. إلا إن التليفون أهون عندي من الشات والله...

تسطيح العلاقات هو المنقذ الوحيد في الجامعة.. دي أكتر حاجة اتعلمتها والله.. كل ماكان الناس تعرفك قليل كل ما مش هيكون فيه عشم بينكم.. كل مالخذلان يقل.. انا بعرف ناس كتيرة واعرف فالجامعة ناس كتيرة اوي وفي سنين كتير.. بس علاقات سطحية خالية من الشعم والمصلحة والإنتظار.. رفعت شعار العلاقات السطحية..علاقات صحية.

الخير كتير الحمدلله.. لازم يكون فيه بلاء ولو قليل.. أمي تعبت ودخلت المستشفى على اخر السنة وكان عندها التهاب فالبنكرياس.. وكانت لازم تتحجز فالمستشفى... فضلت في المستشفى اسبوع تقريبًا ولما خرجت دخلت تاني يومين.. والحمدلله دلوقت هي احسن كتير.. بس مفتقد وجودها وحسها جداااا وفعلا البيت من غيرها شئ ميت.

مانزلتش بورسعيد من اول مابدأت سنة رابعة غير مرتين بس تقريبًا بناتج نهائي ٤ أيام.. وحشني صحابي وبورسعيد وجوها.. الشوارع في بورسعيد في الشتا مع إني بخاف منها لإنها بتفكرني بأيام كتير كنت بخاف فيها فالمدرسة وكده.. إلا إني مفتقد إحساس الخوف ده.. نفسي أرجع بورسعيد أقعد عالاقل اسبوع عشان اشفي شوقي.

من وقت مابدأت سنة رابعة، وأنا عايز ابقي دكتور.. بحاول أفهم واتعلم حتى لو بره المنهج بس بحاول ادور واقرا.. عندي مشكلة صعبة ألا وهي النسيان.. بنسى كل حاجة تقريبًا.. وللأسف لسه درجاتي مش زي منا عايز فربنا يعيني يارب.

كنت زمان بقول لنفسي "تعلم يافتى فالعمر لك"، وكنت بحب اقرأ واتعلم في كل حاجة واكتب عن كل حاجة، كان عندي شغف للحياة ولنفسي وللثورة وللعمر، كان عندي رغبة غير مادية فنشر الوعي ولمس الناس بأي طريقة، حدت عن الطريق ده كتير وبتردد عليه من وقت للتاني إلا إني بعيد عنه، وقراري ل٢٠١٩ إني أرجعله بكل ما أوتيت من قدرة إن شاء الله.

ونحن نعيش ماينفك يحرسنا ويلمسنا بلطف ما ليس مرئيًا، وإلا ما الذي يبقي الفتى حيًا.

وأنا هفضل زي مانا مؤمن بلطف وستر ربنا.. وإني طالما ماقصرتش في سعي يبقى ماشلش م. وربنا مايقطعلنا عادة!

وفي النهاية ربنا يديم عليا نعمه.. ويخفف عني محنه.. ولا يكلف نفسي أكثر من وسعها.. آمين..

ودمتم في كنف الله 😇🖐🏻